الاتجاه - متابعة

في تعليقه على فوز السيد ابراهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية في ايران، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان:" نحن نبني تعاملاتنا ونهجنا مع إيران على أساس الوقائع على الأرض، والتي ستكون مصدر حكمنا على الحكومة الجديدة"!، وهو تعليق يبدو انه جاء كذلك ردا على التصريح الذي دلى به السيد رئيسي في اول مؤتمر صحفي له بعد فوزه عندما قال انه سيسعى الى تحسين علاقات ايران مع دول الخليج الفارسي ، داعيا السعودية الى وقف تدخلها في اليمن، من اجل وضع حد للحرب هناك.

كنا نتمنى على ابن فرحان، ان يكون اكثر دقة في رده على فوز السيد رئيسي في الانتخبات الرئاسية، وان يكون اكثر دقة في رصده ل"الوقائع على الارض"، فتجربة الاعوام السبعة الماضية، اكدت بما لا يقبل الشك، ان السعودية في ظل حكم ابن سلمان، ليست بعيدة عن هذه " الوقائع" فحسب ، بل انها تتجاهلها وتنكرها بالمرة، وهذا التجاهل والانكار هما سبب كل الكوارث والمآسي التي تمر بها المنطقة.

الذي يسمع تصريحات ابن سلمان، يتصور ان السعودية تبني سياستها فعلا على "الوقائع على الارض"، لاسيما مع بلد كبير بحجم الجمهورية الاسلامية الايرانية، بينما تجارب الاعوام السبعة الماضية، على الاقل، تؤكد ان هذه السياسة مبنية على قرارات إرتجالية ثأرية، لا تأخذ في الحسبان حتى امكانيات وقدرات السعودية الذاتية، ولا امكانيات وقدرات الطرف الاخر الذي تستهدفه السعودية، ولا تنطلق ايضا من فهم صحيح للعلاقات الدولية، خاصة العلاقة مع امريكا ودول الجوار، لذلك باتت السياسة السعودية، عنوانا للفوضى والتخبط، والذي اثار حتى حفيظة الحليف الامريكي.

لا ندري هل اخذت السعودية "الوقائع على الارض" عندما شنت حربها العبثية على بلد شقيق عربي مسلم مثل اليمن منذ اكثر من 6 سنوات، والذي احرق الاخضر واليابس في هذا البلد، لمجرد ان ابن سلمان كان يعتقد ان بامكانه جعل اليمن حديقة خلفية لبلاده؟.

اين كان كل هذ الوعي ب"الوقائع على الارض" لدى ساسة السعودية، عندما فرضوا الحصار الجوي والبري والبحري على بلد جار مسلم مثل قطر، وتهديده بالغزو، لمجرد ان ابن سلمان اراد ان يكون هذا البلد في بيت الطاعة السعودي؟.

اين كان هذا الشم السياسي القوي لإبن فرحان ورصده ل"الوقائع على الارض" وابن عمه يختطف رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري، ويهينه ويضربه ويجبره على تقديم استقالته من الرياض، امام مرآى ومسمع العالم اجمع. ومازال ابن سلمان، متجاهلا كل "الوقائع على الارض"، وهو يحاول ضرب امن واستقرار لبنان، لمجرد ان هذا البلد لا يُدار كما يريد ابن سلمان؟!.

هل "الوقائع على الارض"، هي التي ساقت السعودية الى ان تكون عراب التطبيع بين الامارات والبحرين والسودان والمغرب مع الكيان الاسرائيلي؟، هل هي التي دفعت السعودية الى رفع لواء "صفقة القرن"؟، هل هي التي تسببت بفتح ابواب الخزينة السعودية امام ترامب ليسرق منها نحو ترليون دولار؟ هل هي التي جعلت السعودية تنخرط في حصار غزة جنبا الى جنب مع "اسرائيل" لتجويع اهلها انتقاما منهم على التفافهم حول المقاومة الاسلامية؟، هل هي التي كانت وراء تجنيد السعودية للتكفيريين وارسالهم الى العراق وسوريا وليبيا، من اجل دمارها وتقسيمها وتشريد شعوبها، من اجل عيون "اسرائيل"؟، من الواضح لو كان فهم ابن فرحان ل"لوقائع على الارض"، سيبقى على هذا المستوى من "الدقة"! ، فمن المؤكد ان السعودية، لن تبرح دائرة الفوضى التي تعيشها منذ 7 سنوات.

المصدر: العالم

MY