الاتجاه - مقالات 

بقلم: حسين شريعتمداري

1ـ مع ان الالعاب النظرية _Game Theory _ فرع من الرياضيات التجريبية إلا ان تطبيقاتها اليوم تدخل في المعاملات التجارية والسياسية و... من هنا فان الامر اذا شمل معاهدة او صفقة سياسية، فالطرفان يسعيان لاستباق حركة الخصم قبل ان يخطو بخطوة جديدة. ومع هذا الاستقراء والذي يشبه احتمالات ردة فعل الخصم في لعبة الشطرنج، يمكن توقع مخرجات التعامل التجاري والسياسي والاقتصادي الى درجة مقبولة. ان الاستفادة من هذه المعادلة في الجدال النووي الحالي لهو امر ضروري، لاسيما وان المسؤولين المحترمين لبلدنا وخلال العقدين الماضيين من عمر الجدال النووي المذكور، قد توفروا على صورة واضحة من سلوك والاهداف العدائية للخصم، وان منظومة حساباتهم بامكانها تقييم وتوقع حركات الخصم و...

2 ـ ان خطة العمل المشتركة وحسب الادلة الموثقة بمثابة كارثة فرضتها اميركا واوروبا على الشعب والنظام مستغلين تراخي حكومة السيد روحاني، وفي الوقت الذي كان الموضوع والدافع للمفاوضات إلغاء العقوبات، فلم يعمد الى الغاء اي من العقوبات وحسب بل ان مئات العقوبات الجديدة قد اضيفت الى العقوبات السابقة. كما ان خروج ترامب من خطة العمل المشتركة طمعاً في اخذ امتيازات اكثر من ايران دون ان يقصد ذلك، كان خدمة كبيرة للجمهورية الاسلامية الايرانية. مع بيان ان ترامب قد قال ان السيدة موغريني وبعد ضمانة من روحاني قاضية بان ايران حتى في حالة خروج اميركا من خطة العمل المشتركة ستبقى في الاتفاق النووي! فاقدم على الخروج من خطة العمل المشتركة، متوقعاً ان ايران ستقدم امتيازات اكثر للخصم في قبال عودة اميركا لخطة العمل المشتركة! إلا ان المسؤولين رفيعي المستوى لم يسمحوا لادارة روحاني بهكذا تصرف فاعطت خطة ترامب نتيجة معاكسة. اذ ان ايران اشترطت عودة اميركا لخطة العمل المشتركة بالتزامها بعهود تمت المصادقة عليها في المبادرة الستراتيجية للمجلس لالغاء العقوبات. كما ان سماحة قائد الثورة قد اشار خلال استقباله لقادة القوة البحرية في 8 فبراير 2020 اشارة حكيمة حين قال؛

"ان من له الحق في وضع شروط محددة لاستمرار خطة العمل المشتركة هي ايران، والسبب في ان ايران قد وفت بالتزاماتها للاتفاق النووي منذ البداية فيما هم نكثوا عهودهم فلنا الحق ان نضع الشروط لاستئناف العمل بخطة العمل المشتركة، كما ووضعنا هذا الشرط وقلنا لا احد يحيد عن ذلك". ان حكومة السيد رئيسي قد توجهت الى المفاوضات في فيينا بهذه الآلية، كي تلملم من آثار كارثة الخسارة المحضة لحظة العمل المشتركة في الحكومة السابقة والتي فرضت على شعبنا.

3ـ انه حق طبيعي لنا ان نصر على الشروط التي وضعناها لعودة اميركا الى خطة العمل المشتركة. والتفتوا الى هذا المقطع من توجيهات سماحة القائد والتي عنونها بـ"السياسة الحازمة للجمهورية الاسلامية"، "اذا ارادوا ان تعود ايران الى تعهداتها حيال خطة العمل المشتركة ـ والتي ألغت قسماً منها ـ، فينبغي ان تلغي اميركا العقوبات بشكل كامل، وان لا تفعل ذلك قولاً وعلى الورق بان تقول لقد ألغينا العقوبات؛ كلا ينبغي ان تلغى العقوبات عملياً ونقوم باختبار مصداقية هذا الالغاء، ونصل الى حقيقة الغاء هذه العقوبات.

وعندها سنعود الى هذه التعهدات المرتبطة بخطة العمل المشتركة؛ انها السياسة الحازمة للجمهورية الاسلامية وما اتفقت عليها ساسة البلاد ولا عودة عن هذه السياسة".

4 ـ ورغم عدم وجود معلومة دقيقة عن متن مسودة الاتفاق الذي قدم من قبل مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي "جوزيب بوريل"، ونصاً من قبل ايران في الرد على ذلك المتن، الا ان فحوى تصريحات وزير الخارجية السيد امير عبداللهيان والآراء المقدمة من قبل المسؤولين ووسائل الاعلام الغربية تعكس ان موضوعات مثل "ضمانة اميركا"، و"الغاء العقوبات". إن "PMD" او نفس "الابعاد العسكرية المحتملة" (جولات تفتيشية واسعة للطمأنة ان ايران لا تتابع مسألة انتاج السلاح النووي وليست بصدد ذلك)... هي الموضوعات الاساس للمناقشة.

وفي هذا المقال اشارة الى امور ضرورية لنقرأ!

5 ـ ويمكن القول بفم ملآن ان لا اعتبار لاي ضمانة من الجانب الاميركي! وتسألون لماذا؟! فالاجابة اوضح من ان تحتاج الى استدلالات معقدة، الم تكن خطة العمل المشتركة معاهدة دولية؟! وأليست اميركا كأحدى الدول لمجموعة 5+1 قد وقعت على الاتفاق وتعهدت بتطبيقها؟! ولكن شهدنا بوضوح ليس لم تعمل باي من تعهداتها حيال خطة العمل المشتركة وحسب بل انسحبت بسهولة من خطة العمل المشتركة ولم يتحسس أحد! وكل ذلك في وقت تعهد مجلس الامن التابع للامم المتحدة باصدار القرار المرقم 2231 بتطبيق خطة العمل المشتركة وتعهدات الجانبين حيال هذا السند. وهنا نطرح السؤال، لنفترض ان اميركا تقدم ضمانة محكمة لتطبيق التعهدات، فما الضمانة ان لا تلغي ضمانتها وتتنصل عن انجاز تعهداتها؟!

يقول الاخ العزيز الدكتور امير عبداللهيان، لا يجب ان تكون الضمانة الاميركية على الورق فقط مع سائر الضمانات المنبثقة من معاهدات مجلس الامن التابع للامم المتحدة و...؟! الم تكن ضمانة اميركا في خطة العمل المشتركة بمشاركة دول خمس؟ حين جعلت معاهدة مجلس الامن الاممي تحت اقدامها ! من هنا فاي عقل سليم بامكانه ان يحسب اقل حساب لضمانات اميركا؟!

الجدير ذكره ان ايران في قبال نكث اميركا لعهودها، اقترحت فرض غرامة عليها ! وهذا الاقتراح كذلك لا قيمة له اذ لاضمانة تسنده! ولنفترض ان اميركا قبلت بهذا الاقتراح! فما الضمانة بانها حين نكثت تعهداتها تقوم بتسديد الغرامة؟! أليست وبالنقيض من جميع قوانينا المصنفة ضمن الحقوق الدولية قد جمدت اميركا مئات المليارات من الدولارات؟! وان لم تتنصل عن دفع الغرامة فما الذي تفعله غير ذلك؟! ... فما الحيلة اذن؟! لنقرأ:

6 ـ فالضمانة الوحيدة التي ممكن الوثوق إليها ان تقوم ايران ازاء نكث اميركا لعهودها باجراء تنفيذ يكون تحت تصرفها ولاجل تطبيقه لا تحتاج الى جهة ومرجع خارج دائرة خياراتها وحتى مجلس الامن الاممي. وبالضبط مثل ما تقدم به مجلس الشورى من مبادرة تحت عنوان "المبادرة الستراتيجية لالغاء العقوبات"، اي التنصل عن انجاز التعهدات والمقاربة الاوفر حظا التي نقدمها للاتفاق الذي أمامنا، بان تعلن ايران صراحة ووضوح انه في حال نكثت اميركا لعهودها فان ايران ستخرج من NPT. واطمئنوا انه اذا خرجت NPT فلا يحصل اي حادث مكروه. فالمادة العاشرة من معاهدة الحد من انتشار الاسلحة النووية (NPT) اعطت الحق للدول الاعضاء بذلك، وهي الضمانة الوحيدة ـ واؤكد انها الوحيدة ـ المقبولة والمؤثرة.

7 ـ "الغاء جميع العقوبات" واحدة من الشروط تحت عنوان "السياسة الحازمة للجمهورية الاسلامية الايرانية واما اتفقت عليه ساسة البلاد."

في بعض التصريحات يطرح موضوع إلغاء العقوبات ضمن تطبيق خطة العمل المشتركة او الحظر الذي فرضه ترامب او العقوبات النووية!

وبعبارة اخرى، من المقرر (اي ان اميركا بصدد ذلك) الغاء عدد العقوبات ضمن خطة العمل المشتركة والنووية، ولكن الكثير من العقوبات والتي تندرج ضمن عناوين عدائية ما انزل الله بها من سلطان مثل حقوق الانسان، والتواجد في المنطقة، والبرنامج الصاروخي و... ستبقى على حالها في هذه الحالة فلا تاثير لشطب عدة حالات من الحظر، اذ ستعاد نفس هذه العقوبات وتحت عناوين اخرى الى الواجهة...

على الاخوة الاعزاء المفاوضين الذين صمدوا الى الان باقتدار يذكر فيشكر، صمدوا امام استبداد الخصم، ان يطلبوا ضمن الاتفاق القادم إلغاء جميع العقوبات وباي عنوان مثل؛ آيسا، وسيسادا، وديزا، وكاتسا، و... وليطمأنوا انه في غير ذلك فلا يعتبر عمليا اي مفردة من العقوبات من اللاتي شطب عليهن انها من المفردات التي الغيت عقوباتها.