الاتجاه - مقالات 

بقلم: باسل عباس خضير 

من المعروف للكثير إن رواتب ومخصصات موظفي الدولة والقطاع العام قد تم تحديدها بموجب القانون 22 لسنة 2008 ، وفي هذا القانون ورد نصا في المادة  3 \ ثانياً مفاده ( لمجلس الوزراء تعديل مبالغ الرواتب المنصوص عليها في جدول الرواتب الملحق بهذا القانون في ضوء ارتفاع نسبة التضخم لتقليل تأثيرها على المستوى المعيشي العام للموظفين  ) ، وهذا النص ترك اعتقادا لدى الموظفين بن رواتبهم وان حددت بمراحل ودرجات إلا أنها غير ثابتة و قابلة للزيادة كلما زاد التضخم في البلاد ، وهو اعتقاد لم يثبته السيد حيدر العبادي رئيس مجلس الوزراء الأسبق حيث اصدر قرار مجلس الوزراء رقم 366 لسنة 2015 المتضمن تعديل جدول الرواتب الملحق بقانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام رقم 22 لسنة  2008 ، والذي نشر في جريدة الوقائع العراقية الرسمية وعد نافذا اعتبارا من 1 تشرين الثاني 2015 ، وبموجب هذا القرار تم تقليص عدد الدرجات الوظيفية إلى 10 وإجراء تعديل طفيف  في رواتب بعض الدرجات بزيادة حدودها  وتقليل رواتب الدرجات ابتداءا من الأولى بما تسبب بإنقاص الرواتب الاسمية لفئات من الموظفين الأولى بمبلغ 38 ألف دينار فاقل ، و وهو إجراء لم يرضي غالبية الموظفين فقد تم ذلك في وقت أشارت فيه بيانات وزارة التخطيط وغيرها من المنظمات الحكومية والمجتمع المدني لحصول تضخم في الأسعار خلال السنوات 2008- 2014 ، واعتقد البعض إن الرواتب ستعدل فيما بعد تحسن الوضع الأمني الذي مرت به البلاد وحين ارتفاع إيرادات الدولة من تصدير النفط  ، ولم يحصل ذلك بعد التحرير والزيادات العالية التي حصلت في  أسعار النفط .

ولم ينقطع أمل الموظفين بتعديل سلم رواتبهم وتحقيق العدالة في الاستحقاق بما يقلل الفوارق داخل أجهزة الدولة ، سيما بعد أن تم الإعلان بان احتياطات الدولة قد ارتفعت لأكثر من 100 مليار دولار وان الاقتراض الخارجي والداخلي أخذا بالانخفاض وتم تسديد كامل تعويضات حرب الكويت ، وتأملوا خيرا بان تعلن تلك الزيادات في المرتبات والمخصصات بداية سنة 2022 بعد إن تضخمت الأسعار بشكل غير مسبوق بسبب تغيير سعر صرف الدولار بنسبة 23% ، وازدادوا أملا بعد الإعلان الرسمي بان الأوضاع الاقتصادية للبلاد تمضي بخير وان العراق وضع بتصنيفات جيدة من حيث الناتج المحلي متفوقا على الكثير من البلدان ، ورافق ذلك  إقدام العراق على شراء كميات كبيرة من الذهب والحوالات الأمريكية لتنويع الاحتياطيات ، ولكن تلك الأمنيات لم تتحقق كلا او جزءا رغم إن اغلب الرواتب باتت أدنى من حدود الكفاف بكثير، ورغم إن الفقر بات واضحا للكثير بحيث تحول الكثير من الطبقة الوسطى للفقيرة ، وحجة الحكومة في التريث بالتعديل خلو البلاد من الموازنة الاتحادية ومحدودية صلاحيات مجلس الوزراء لكون الحكومة لتصريف الأعمال ، وانتعش الأمل مجددا بتحسين الرواتب كاستحقاق من زيادة الإيرادات ولمواجهة الغلاء الفاحش الذي اتعب معظم فئات الشعب بعد أن باشرت الحكومة أعمالها بكامل الحقائب والصلاحيات ، وباتت أخبار التعديل في سلم رواتب الموظفين تتردد في اغلب وسائل التواصل الاجتماعي مقرونة بجداول للرواتب والمخصصات ، واعتبروا إن الأمر سيكون مؤكد التحقق عند نفاذ موازنة 2023 التي استغرقت وزارة المالية أشهرا في إعدادها ليلا ونهار بعد أن تم تعويم دوام موظفيها للخروج بموازنة اتحادية تثلج صدور العراقيين ، سيما الموظفين الذين يشكلون مع عوائلهم نسبة مهمة من السكان بالاعتماد على ما تأتيهم من مرتبات ونخص بالذكر منهم الذين بمنأى عن السحت والفساد .

ولكن الموازنة الانفجارية التي بلغت مجموع نفقاتها 199 تريليون دينار لم تتضمن فقرة تتعلق بتعديل سلم الرواتب ، وقد ظهر ذلك عندما أحال مجلس الوزراء موازنته لمجلس النواب ، ويبدو إن موازنة 2023 التي لم ترى النور بعد سوف لم تتمكن من استيعاب سلم الرواتب الجد وذلك ليس افتراض ، وإنما بضوء تصريحات اللجنة المالية للبرلمان التي تتولى دراسة الموازنة إذ قال رئيسها في بيان نشرته وكالة ( المعلومة ) " إن بعض المواقع الإخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي نشرت تصريحا منسوبا لنا بشأن أدراج تعديل سلم رواتب الموظفين ضمن موازنة ٢٠٢٣ ومن أجل إطلاع الرأي العام  ، نود أن نبين  بان تعديل سلم الرواتب  يمر حاليا بمرحلة التدقيق والمراجعة من قبل الحكومة  وهو قانون منفصل بحد ذاته ولا علاقة له بالموازنة إطلاقا كونه إجراء حكومي يتم التصويت عليه داخل مجلس الوزراء " ، ويعني ذلك من الناحية العملية إن سلم الرواتب ( أمل الموظفين ) سوف لم يدخل في التعديلات التي يمكن أن تعرض في القراءة الثانية لمشروع قانون الموازنة الاتحادية ، وان أمره لايزال متروكا للحكومة بعد إقرار الموازنة  ، والاعتقاد المتداول إن تعديل السلم وان كان من صلاحيات مجلس الوزراء بموجب النص القانوني الذي اشرنا إليه في أعلاه إلا إن من الصعب تمريره لما يجب أن يحتويه من إضافات مالية والموازنة تعاني من عجز يزيد عن 64 تريليون يريد البرلمان تخفيضه بتقليص بعض النفقات  ، ورغم إن هناك من يعتقد بأن تعديل سلم الرواتب يمكن أن يمرر من خلال إنقاص الرواتب العليا وزيادة الرواتب في الدرجات الدنيا إلا انه احتمال ضعيف لأنه ليس من سياسة أية حكومة رشيدة أن تأخذ بيد وتعطي من يد أخرى لأنه الأمر يسبب حالات من الإرباك ، والرأي الأرجح هو أن تقوم الحكومة بإكمال إعدادها لتعديل القانون 22 عندما يتوفر تخصيصه الكافي وإخراجه ضمن لمدة المتبقية من عمر الموازنة باعتبارها أعدت لثلاث سنوات ( 2023، 2024 ، 2025 ) بما يتيح لها  إجراء التعديلات بضوء المستجدات!! .