الاتجاه - متابعة 

شكلت عملية "طوفان الأقصى" التي بدأتها حركة "حماس" في السابع من تشرين الأول/أكتوبر صدمة كبيرة لـ"جيش" الاحتلال الاسرائيلي، فكان الهجوم مفاجئاً ومدروساً، وجاءت أحداثه خارج نطاق الخيال، وفق الإعلام الإسرائيلي. 

في تصريحات سابقة، كانت "الجيش" الإسرائيلي، الذي يصنف ضمن أقوى 18 جيشاً في العالم وفقاً لإحصائيات موقع "غلوبال فايرباور"، يتفاخر بقدراته التكنولوجية، مقدماً نفسه بصفته جيشاً عالي التقنية.

في ثورة الذكاء الاصطناعي، دخل الاحتلال هذا الميدان من الباب الواسع، واعتبره جزءاً لا يتجزأ من عملياته، مستخدماً نظاماً خاصاً للتوصية بالذكاء الاصطناعي يمكنه معالجة كميات هائلة من البيانات لتحديد أهداف للضربات الجوية. وبعد ذلك يتم جمع الغارات بسرعة مع نموذج ذكاء اصطناعي آخر يسمى "Fire Factory"، ويستخدم بيانات حول الأهداف المعتمدة من الجيش لحساب نوعية الذخيرة ووزنها وتحديد الأولويات، وتعيين آلاف الأهداف للطائرات الحربية والطائرات من دون طيار. 

عام 2021، وصف الاحتلال عملية "سيف القدس" بأنها أول "حرب ذكاء اصطناعي" في العالم، مشيراً حينها إلى استخدامه الذكاء الاصطناعي لتحديد منصات إطلاق الصواريخ ونشر أسراب الطائرات بلا طيار.

لكن رغم هذه القدرات العسكرية والتكنولوجية، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، في تقرير، أنّ "إسرائيل" تواجه عدواً هائلاً ومتطوراً تكنولوجياً.

"الثقة بالتكنولوجيا" لم تكن فكرة ذكية
بناء على التقارير التي تتناقلها وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإنّ الفشل على صعيد المفاهيم أدى إلى فظائع السابع من تشرين الأول، وأظهر أن الثقة بالتكنولوجيا فقط في "إسرائيل" لم تكن فكرة ذكية.

وعن هذا الموضوع بالتحديد، قال موقع "غلوبز" الإسرائيلي: "في صباح 7 تشرين الأول، تبين أن الجزء الموجود فوق الأرض من الجدار العازل على حدود غزة ليس له أهمية على الإطلاق"، مشيراً إلى أنّ حركة "حماس" قامت بتعطيل كل الكاميرات التي تنقل الصور إلى مراقبي غرفة التحكم في الوقت الحقيقي ومحطات الأسلحة الثابتة (RCWS) التي يتم التحكم فيها عن بعد.

ولفت الموقع إلى أنّ أسطول الطائرات من دون طيار الإسرائيلي القادر على التشويش على إشارات الطائرات من دون طيار المعادية، وأسطول الطائرات من دون طيار الهجومية، المعروف بحرب البالونات الحارقة، لم يعمل أيضاً خلال الهجوم لأسباب غير معروفة. 

كل ذلك، بحسب الموقع، سمح لـ"حماس "بالوصول بسرعة إلى قواعد "الجيش" الإسرائيلي على طول حدود غزة، وتعطيل أنظمة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتحييد القدرة على استدعاء التعزيزات من دون إثارة الكثير من الشكوك في مقر "جيش" الاحتلال في "تل أبيب".

نظام القبة الحديدية
من الأمور التي يتفاخر بها الاحتلال الإسرائيلي هي امتلاكه نظام "القبة الحديدية" حتى وصل إلى مرحلة إدمانها، بحسب وصف محلل الشؤون العسكرية في "القناة 13" الإسرائيلية. هذا الإدمان مهدد بالتعرض للاستنزاف بفعل الهجمات الصاروخية إذا امتدّت الحرب المتصاعدة في غزة إلى صراع إقليمي أوسع، وفق وكالة "بلومبرغ" الأميركية.

ومنذ بداية العملية، نجحت صواريخ المقاومة في التغلب على نظام القبة، وفق تصريحات محللين عسكريين لصحيفة "ذا ناشيونال" الأميركية.

وفي مقال مفصل عن هذا الموضوع تحت عنوان "القبة الحديدية الإسرائيلية غير قادرة على التعامل مع حجم هجوم حماس"، قالت الصحيفة إنّ "الافتقار إلى المعلومات الاستخبارية ونقص الموظفين وعدم قدرة القبة الحديدية على التعامل مع استراتيجية حماس الهجومية جعل إسرائيل عرضة للخطر".

وقال المتخصص في حرب المدن العميد باري، في حديثه إلى الصحيفة، إن أجهزة التنصت وأجهزة الاستشعار الإسرائيلية المعقدة على طول الجدار الذي يبلغ طوله 65 كيلومتراً ربما لم تفشل، بل تم التغلب عليها أيضاً.

الهجوم السيبراني
لا يقتصر هجوم المقاومة على الصواريخ ونظام القبة الحديدية، بل تعدى ذلك إلى الفضاء السيبراني؛ فقد نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية منذ أيام عن شركة أمنية إسرائيلية أنّ حركة "حماس" تستخدم سلاحاً تكنولوجياً متطوراً يساعدها في اختراق أنظمة الحواسيب لدى الاحتلال.

وتحدّثت الدراسة التي أجرتها شركة "Security Joe" الإسرائيلية عن برنامج فيروسي جديد قادر على محو أنظمة الكمبيوتر وتعطيلها يشتبه في أنّه يستخدم من قبل قراصنة حواسيب نيابةً عن حماس، بحسب تعبير الصحيفة.

وأكّدت الصحيفة أنّه تمّ بالفعل التعرّف إلى "الفيروس الضارّ" في العديد من شبكات الشركات الإسرائيلية. وبحسب التقرير، فقد تسبّب بأضرار جسيمة أينما تم تفعيله.

"إسرائيل" و"GPS"
يعتمد الاحتلال خلال عدوانه على استغلال كلّ وسائل التكنولوجيا ليحظى بأي نصر، فقد كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في الآونة الأخيرة أنّ قوات الاحتلال كثفت عمليات التشويش على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) لإحباط هجمات للمقاومة في لبنان وفلسطين بطائرات من دون طيار.

ولفتت الصحيفة إلى أنّ التشويش الإسرائيلي يمكن أن يؤدي أيضاً إلى إفساد تطبيق الإنذار الصاروخي التابع للجيش الإسرائيلي.

في الوقت نفسه، قال أمير بوحبوط، محلل الشؤون العسكرية، لموقع "واللا" الإسرائيلي إنّ الجهات الأمنية على الأرض لم تنجح في التأكد من مزاعم استخدام المقاومين أجهزة تشويش على الـ"GPS" والاتصالات، مضيفاً: "لا يستبعد أحد هذه الإمكانيات، لأنهم يستطيعون اليوم شراء أجهزة بسيطة من شبكات البيع، لكن قوية. وقد اكتُشفت لدى حماس في عملية حارس الأسوار".

حماس اختارت الذهاب إلى الظل
في مقابل كل هذا التطور التكنولوجي الهائل والمدعوم عالمياً، اختارت حركة "حماس" الذهاب إلى الظل في استخدام الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر ومصادر الاستخبارات الأخرى، وفق ضابط الاستخبارات الأميركية السابق سكوت ريتر. 

وشدد ريتر على أنّ "حماس" كانت على الأرجح "تحافظ على المستوى نفسه من الاتصالات لتجنب إثارة شكوك العدو مع الحفاظ على خطة تضليل مفصلة".

ضابط الاستخبارات الأميركية السابق اعتبر أنّ من أبرز أخطاء المخابرات الإسرائيلية، التي تبين أنها غير قادرة على التنبؤ بهجوم "حماس"، هو الانبهار بالذكاء الاصطناعي.