قال الكاتب نجم الشيخ داغر في مقال له:.
كثيرا ما سمعت من المسلمين قولهم (الحمد لله على نعمة الاسلام)، بيد اني حينما ادقق النظر في احوالهم اتساءل وهل يعرف احدهم ابجديات الاسلام وفرائضه العملية والعبادية سلوكا لا قولا وتبجحا؟، وهل يعلمون لماذا بتنا آخر الأمم مع اننا نناهز المليار ونصف المليار نسمة ؟.
مشكلتنا الكبيرة في الشعارات التي نرفعها والنرجسية الطاغية على افعالنا، حتى اصبحنا نتشدق بالقول الذي استفتحت به المقال، في حين ان النبي (ص) رتب مقامات الخلق حسب ما يحسنون من علوم وذلك بقوله «أكثَرُ النّاسِ قيمَةً أكثَرُهُم عِلمًا، وأقَلُّ النّاسِ قيمَةً أقَلُّهُم عِلمًا»، وبالتالي وبحسب هذا القول اين نحن في جدول الامم؟.
من جملة الاشياء الكثيرة التي يجهلها عامة المسلمين ان هناك فريضة مغيبة عنهم، وربما تم تغييبهم عنها ليسلموا مقاليد انفسهم لغيرهم او لمجموعة محددة كي يسهل قيادهم، وبالتالي صنع مجتمع يؤمن بسياسة القطيع كما في القول الماثور والذي ليس له أي مستند شرعي او عقلي (ذبها براس عالم واطلع منها سالم)، هذا القول الذي يعلم الاتكالية ويشجع على الجهل.
نعم نحن لا نقول بعدمية الاختصاص، وانما بحتمية طلب مستوى من العلم الافقي الواجب على جميع الناس تحصيله، وهو المقصود في حديث الرسول الاكرم (ص) «طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة»، هذا الحديث الذي يجب ان يكون شعارا وقاعدة لعمل المجتمع الاسلامي بل الانساني بوجه عام، لأن «خَيرُ الدُّنيا والآخِرَةِ مَعَ العِلمِ، وشَرُّ الدُّنيا والآخِرَةِ مَعَ الجَهلِ» كما في حديث آخر منقول عنه (ص).
 وعلى الانسان العراقي بشكل خاص والمسلم او العالمي بشكل عام ان يعي ان «العِلمُ أصلُ كُلِّ خَيرٍ والجَهلُ أصلُ كُلِّ شَرٍّ» كما يشير الى ذلك الامام علي (ع)، لذلك يجب ان ننتبه ان هناك مسؤولية فردية وحكومية ومجتمعية لنشر العلم بين مختلف طبقات المجتمع كي ننجو من مجمل الازمات التي تعصف بنا، طبعا العلم المقرون بالخير والاخلاق لا ذاك الذي يدمرالانسان.
وما أصل نهضة المجتمعات كما هو الحال في المجتمع المسلم قبل عدة قرون، إلا نتاج التقدم في العلوم كما يبين المستشرق الألماني هوفمان بعد ان استدل على ذلك بادلة عديدة، بقوله «هذه بعض الأدلة على أن العالم الإسلامي هو الذي وضع الأساس للنهضة الأوروبية وظهور الحضارة في الغرب».
كما يعلق على ذلك الباحث في تاريخ العلوم، مارشال هودجون، بقوله: إن التقدم الهائل في العلوم والمعرفة والتكنولوجيا في العالم الإسلامي أدى إلى «الغزو الثقافي» للمسلمين في الغرب لأن الغرب لم يكن لديه شيء يستحق أن يرجع إليه، فكان الغرب مستورداً خالصاً للعلوم والتكنولوجيا حتى القرن الرابع عشر.
ما دعاني الى كتابة هذه السطور، هو الحضور الكبير للمواطنين في معرض بغداد الدولي للكتاب، هذا المهرجان الذي اتمنى ان يكون مهرجانا للمعرفة وليس لأخذ الصور التذكارية فقط.
متمنيا ايضا ان تعمم تجربة قراءة الكتب على المدارس بشكل الزامي، من خلال اقتراح درس للتربية الثقافية واقامة حوارات حية للمفكرين والكتاب للحديث عن تجاربهم أمام التلاميذ والطلبة.
فضلا عن اقامة مكتبة في كل مدرسة لتحبيبهم في القراءة خارج المناهج التدريسية، عندها يمكن لنا القول (الحمد لله على نعمة الاسلام) الداعي الى المعرفة وطلب العلم والتعايش السلمي مع الاخرين وتفعيل قوله تعالى «قلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ».